فصل: الثوبانية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الملل والنحل **


 المكرمية

أصحاب مكرم بن عبد الله العجلي كان من جملة الثعالبة وتفرد عنهم بأن قال‏:‏ تارك الصلاة‏:‏ كافر لا من أجل ترك الصلاة ولكن من أجل جهله بالله تعالى‏.‏

وطرد هذا في كل كبيرة يرتكبها الإنسان وقال غنما يكفر لجهله بالله تعالى وذلك أن العرف بوحدانية الله تعالى وأنه اطلع على سره وعلانيته المجازى على طاعته ومعصيته أن يتصور منه الإقدام على المعصية والاجتراء على الخالفة ما لم يغفل عن هذه المعرفة ولا يبالي بالتكليف منه وعن هذا قال النبي عليه السلام‏:‏ ‏"‏ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ‏"‏‏.‏

الخبو‏.‏

وخالفوه الثعالبة في هذا القول‏.‏

وقالوا‏:‏ بإيمان الموافاة والحكم بأن الله تعالى إنما يتولى عباده ويعاديهم على ما هم صائرون إليه من موافاة الموت لا على أعمالهم التي هم فيها فإن ذلك ليس بموثوق به إصراراً عليه ما لم يصل المرء إلى آخر عمره ونهاية أجله فحينئذ إن بقى على ما يعتقده فذلك هو الإيمان فنواليه وإن لم يبق فنعاديه وكذلك في حق الله تعالى‏:‏ حكم الموالاة والمعاداة على ما علم منه حال الموافاة‏.‏

وكلهم على هذا القول‏.‏

 المعلومية والمجهولية

كانوا في الأصل حازمية إلا أن المعلومية قالت‏:‏ من لم يعرف الله تعالى بجميع أسمائه وصفاته فهو جاهل به حتى يصير عالماً بجميع ذلك فيكون مؤمناً‏.‏

وقالت‏:‏ الاستطاعة مع الفعل والفعل مخلوق للعبد فبرئت منهم الحازمية‏.‏

وأما المجهولية فإنهم قالوا‏:‏ من علم بعض أسماء الله تعالى وصفاته وجهل بعضها فقد عرفه تعالى‏.‏

وقالت‏:‏ إن أفعال العباد البدعية‏:‏ أصحاب‏:‏ يحيى بن أصدم‏.‏

أبدعوا‏:‏ القول بأن نقطع على أنفسنا بأن من اعتقد اعتقادنا فهو من أهل الجنة ولا نقول‏:‏ إن شاء الله فإن ذلك شك في الاعتقاد ومن قال‏:‏ أنا مؤمن إن شاء الله فهو شاك‏.‏

فنحن من أهل الجنة قطعاً من غير ذلك‏.‏

 الإباضية

أصحاب‏:‏ عبد الله بن إباض الذي خرج في أيام مروان بن محمد فوجه إليه عبد الله بن محمد بن عطية فقاتله بتبالة‏.‏

وقيل إن عبد الله بن يحيى الإباضي كان رفيقاً له في جميع أحواله وأقواله‏.‏

قال‏:‏ إن مخالفينا من أهل القبلة كفار غير مشركين ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال وغنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب حلال وما سواه حرام‏.‏

وحرام قتلهم وسبيهم في السر غيلة إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة‏.‏

وقالوا‏:‏ إن دار مخالفيهم من أهل الإسلام دار التوحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي وأجازوا شهادة مخالفيهم على أوليائهم‏.‏

وقالوا في مرتكبي الكبائر‏:‏ إنهم موحدون لا مؤمنون‏.‏

وحكى الكعبي عنهم‏:‏ أن الاستطاعة عرض من الأعراض وهي قبل الفعل بها يحصل الفعل‏.‏

وأفعال العباد‏:‏ مخلوقة لله تعالى‏:‏ إحداثاً وإبداعاً ومكتسبة للعبد‏:‏ حقيقة لا مجازاً‏.‏

ولا يسمون إمامهم‏:‏ أمير المؤمنين ولا أنفسهم‏:‏ مهاجرين‏.‏

وقالوا‏:‏ العالم يفنى كله إذا فني أهل التكليف‏.‏

قال‏:‏ واجمعوا على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كفركفر النعمة لا كفر الملة‏.‏

وتوقفوا في أطفال المشركين وجوزوا تعذيبهم على سبيل الانتقام وأجازوا أن يدخلوا الجنة تفضلاً‏.‏

وحكى الكعبي عنهم‏:‏ إنهم قالوا بطاعة لا يراد بها الله تعالى كما قال أبو الهذيل‏.‏

ثم اختلفوا في النفاق‏:‏ أيسمى شركاً أم لا قالوا‏:‏ إن المنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا موحدين إلا أنهم ارتكبوا الكبائر فكفروا بالكبر لا بالشرك‏.‏

وقالوا‏:‏ كل شئ أمر الله تعالى به فهو‏:‏ عام ليس بخاص وقد أمر به المؤمن والكافر وليس في القرآن بخصوص‏.‏

وقالوا‏:‏ لا يخلق الله تعالى شيئا إلا دليلاً على وحدانيته ولا بد أن يدل به واحداً‏.‏

وقال قوم منهم‏:‏ يجوز أن يخلق الله تعالى رسولاً بلا دليل ويكلف العباد بما يوحي غليه إظهار المعجزة ولا يجب على الله تعالى ذلك إلى أن يخلق دليلاً ويظهر معجزة‏.‏

وهم جماعة متفرقون في مذاهبهم تفرق‏:‏ الثعالبة والعجاردة‏.‏

 الحفصية

وهم أصحاب‏:‏ حفص بن أبي المقدام‏.‏

تميز عنهم بأنه قال‏:‏ إن بين الشرك والإيمان خصلة واحدة وهي معرفة الله تعالى وحده فمن عرفهن ثم كفر بما سواه‏:‏ رسول أو كتاب أو قيامه أو جنة أو نار أو ارتكب الكبائر‏:‏ من الزنا والسرقة وشرب الخمر‏.‏

فهو كافر لكنه بريء من الشرك‏.‏

 الحارثية

أصحاب الحارث الإباضي‏.‏

خالف الإباضية‏:‏ في قوله بالقدر على مذهب المعتزلة وفي الاستطاعة قبل الفعل وفي إثبات طاعة لا يراد بها الله تعالى‏.‏

 اليزيدية

أصحاب يزيد بن أنيسة الذي قال بتولي المحكمة الأولى قبل الأزارقة وتبرأ ممن بعدهم الإباضية فإنه لا يتولاهم‏.‏

وزعم أن الله تعالى سيبعث رسولاً من العجم وينزل عليه كتاباً قد كتب في السماء وينزل عليه جملة واحدة ويترك شريعة المصطفى محمد عليه السلام ويكون على ملة الصابئة المذكورة في القرآن وليست هي الصائبة الموجودة‏:‏ الكتاب بالنبوة وإن لم يدخل في دينه‏.‏

وقال‏:‏ إن أصحاب الحدود‏:‏ من موافقيه وغيرهم‏:‏ كفار مشركون‏.‏

وكل ذنب صغير أو كبير فهو شرك‏.‏

 الصفرية الزيادية

أصحاب زياد بن صفر‏.‏

خالفوا‏:‏ الأزارقة والنجدات والإباضية في أمور منها‏:‏ أنهم لم يكفوا القعدة عن القتال إذا كانوا موافقين في الدين والاعتقاد ولم يسقطوا الرجم ولم يحكموا بقتل أطفال المشركون وتكفيرهم وتخليدهم في النار‏.‏

وقالوا‏:‏ التقية جائزة قي القول دون العمل‏.‏

وقالوا‏:‏ ما كان من الأعمال عليه حد واقع فلا يتعدى بأهله الاسم الذي لزمه به الحد كالزنا والسرقة والقذف فيسمى زانياً سارقاً قاذفاً لا‏:‏ كافراً مشركاً‏.‏

وما كان من الكبائر مما ليس فيه حد لعظم قدره مثل‏:‏ ترك الصلاة والفرار من الزحف فإنه يكفر بذلك‏.‏

ونقل عن الضحاك منهم‏:‏ أنه يجوز تزويج المسلمات من كفار قومهم في دار التقية دون دار العلانية‏.‏

ورأى زياد ابن الأصفر جميع الصدقات سهماً واحداً في حال التقية‏.‏

ويحكى عنه أنه قال‏:‏ نحن مؤمنون عند أنفسنا ولا ندري‏!‏ لعلنا خرجنا من الإيمان عند الله‏.‏

وقال‏:‏ الشرك شركان‏:‏ شرك هو‏:‏ طاعة الشيطان وشرك هو‏:‏ عبادة الأوثان‏.‏

والكفر كفران‏:‏ كفر بإنكار النعمة وكفر بإنكار الربوبية‏.‏

والبراءة براءتان‏:‏ براءة من أهل الحدود سنة وبراءة من أهل الجحود فريضة‏.‏

ولنختتم المذاهب بذكر تتمة رجال الخوارج‏:‏ من المتقدمين‏:‏ عكرمة وأبو هارون العبدي وأبو الشعثاء وإسماعيل بن سميع‏.‏

ومن المتأخرين‏:‏ اليمان بن رباب‏:‏ ثعلبي ثم‏:‏ بيهسي وعبد الله بن يزيد ومحمد بن حرب ويحيى بن كامل‏.‏

إباضية‏.‏

ومن شعرائهم‏:‏ عمران بن حطان وحبيب بن مرة صاحب الضحاك بن قيس‏.‏

ومنهم أيضاً‏:‏ جهم بن صفوان وأبو مروان غيلان بن مسلم ومحمد بن عيسى‏:‏ برغوث وأبو الحسين كلثوم بن حبيب المهلبي وأبو بكر محمد بن عبد الله بن شبيب البصري وعلي بن حرملة وصالح قبة بن صبيح بن عمرو ومويس بن عمران البصري وأبو عبد الله بن مسلمة وأبو عبد الرحمن بن مسلمة والفضل بن عيسى الرقاشي وأبو زكريا يحيى بن أصفح وأبو الحسين محمد بن مسلم الصالحي وأبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن الخالدي ومحمد بن صدقة وأبو الحسين علي بن زيد الإباضي وأبو عبد الله محمد بن كرام وكلثوم بن حبيب المرادي البصري‏.‏

والذين اعتزلوا إلى جانب فلم يكونوا مع علي رضي الله عنه في حروبه ولا مع خصومه وقالوا‏:‏ لا ندخل في غمار الفتنة بين الصحابة رضي الله عنهم‏:‏ عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة الأنصاري وأسامة ابن زيد حارثة الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقال قيس بن حازم‏:‏ كنت مع علي رضي الله عنه في جميع أحواله وحروبه حتى قال يوم صفين‏:‏ ‏"‏ انفروا إلى بقية الأحزاب انفروا إلى من يقول‏:‏ كذب الله ورسوله وأنتم تقولون‏:‏ صدق الله ورسوله ‏"‏‏.‏

فعرفت أي شيء كان يعتقد في الجماعة‏:‏ فاعتزلت عنه‏.‏

 الباب الخامس المرجئة

الإرجاء على معنيين‏:‏ أحدهما بمعنى‏:‏ التأخير كما في قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ أرجه وأخاه ‏"‏ أي‏:‏ أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول فصحيح لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد‏.‏

وأما بالمعنى الثاني فظاهر فإنهم كانوا يقولون‏:‏ لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة‏.‏

وقيل‏:‏ الإرجاء‏:‏ تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة فلا يقضي عليه بحكم ما في الدنيا‏:‏ من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار‏:‏ فعلى هذا‏:‏ المرجئة والوعيدية فرقتان متقابلتان‏.‏

وقيل‏:‏ الإرجاء‏:‏ تأخير علي رضي الله عنه عن الدرجة الأولى إلى الرابعة فعلى هذا‏:‏ المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان‏.‏

والمرجئة‏:‏ أصناف أربعة‏:‏

مرجئة الخوارج ومرجئة القدرية

ومرجئة الجبرية وكذلك الغيلانية أصحاب غيلان الدمشقي أول من أحدث القول بالقدر والإرجاء‏.‏

ونحن إنما نعد مقالات المرجئة الخالصة منهم‏.‏

 اليونسية

أصحاب‏:‏ يونس بن عون النميري‏.‏

زعم أن الإيمان هو‏:‏ المعرفة بالله والخضوع له وترك الاستكبار عليه والمحبة بالقلب فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن وما سوى ذلك من الطاعة فليس من الإيمان ولا يضر تركها حقيقة الإيمان ولا يعذب على ذلك إذا كان الإيمان خالصاً واليقين صادقاً‏.‏

وزعم أن إبليس كان عارفاً بالله وحده غير انه كفر باستكباره عليه‏:‏ أبى واستكبر وكان من الكافرين‏.‏

قال‏:‏ ومن تمكن في قلبه‏:‏ الخضوع لله والمحبة له على خلوص ويقين‏:‏ لم يخالفه في معصية وغن صدرت منه معصية فلا تضره بيقينه وإخلاصه‏.‏

إنما يدخل الجنة بإخلاصه ومحبته لا بعمله وطاعته العبيدية‏:‏ أصحاب‏:‏ عبيد المكتئب‏.‏

حكي عنه أنه قال‏:‏ مادون الشرك مغفور لا محالة وغن العبد إذا مات على توحيده لا يضره ما اقترف من الآثام واجترح من السيئات‏.‏

وحكى اليمان عن عبيد المكتئب وأصحابه‏:‏ انهم قالوا‏:‏ إن علم الله تعالى لم يزل شيئاً غيره وغن كلامه لم يزل شيئاً غيره وكذلك دين الله لم يزل شيئا ًغيره‏.‏

وزعم أن الله تعالى عن قولهم على صورة إنسان وحمل عليه قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إن الله خلق آدم على صورة الرحمن ‏"‏‏.‏

 الغسانية

أصحاب غسان الكوفي‏.‏

زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى وبرسله والإقرار بما أنزل الله وبما جاء به لرسول‏.‏

في الجملة دون التفصيل‏.‏

والإيمان‏:‏ لا يزيد ولا ينقص‏.‏

وزعم أن قائلاً لو قال‏:‏ أعلم أن الله تعالى قد حرم أكل الخنزير ولا أدري هل الخنزير الذي حرمه‏:‏ هذه الشاة أم غيرها كان مؤمناً‏.‏

لو قال‏:‏ أعلم أن الله تعالى قد فرض الحج إلى الكعبة غير أني لا أدري أين الكعبة ولعله بالهند‏:‏ كان مؤمناً‏.‏

ومقصودة‏:‏ أن أمثال هذه الاعتقادات أمور وراء الإيمان لا أنه كان شاكاً في هذه الأمور فإن عاقلاً لا يستجيز من عقله أن يشك في أن ومن العجيب‏!‏ أن غسان كان يحكي عن حنيفة رحمه الله مثل مذهبه ويعده من المرجئة ولعله كذب كذلك عليه‏.‏

لعمري‏!‏ كان يقال لأبي حنيفة وأصحابه‏:‏ مرجئة السنة‏.‏

وعده كثير من أصحاب المقالات‏:‏ من جملة المرجئة ولعل السبب فيه‏:‏ أنه لما كان يقول‏:‏ الإيمان‏:‏ هو التصديق بالقلب وهو لا يزيد ولا ينقص‏:‏ ظنوا أنه يؤخر العمل عن الإيمان‏.‏

والرجل مع تخريجه في العمل كيف يفتي بترك العمل‏!‏‏.‏

وله سبب آخر والمعتزلة كانوا يلقبون كل من خالفهم في القدر‏:‏ مرجئاً وكذلك الوعيدية من الخوارج فلا يبعد أن اللقب إنما لزمه من فريقي‏:‏ المعتزلة والخوارج‏.‏

والله أعلم‏.‏

 الثوبانية

أصحاب‏:‏ أبي ثوبان المرجئ‏.‏

الذين زعموا‏:‏ إن الإيمان هو‏:‏ المعرفة والإقرار بالله تعالى وبرسله عليهم السلام وبكل ما لا يجوز في العقل أن يفعله وما جاز في العقل تركه فليس من الإيمان‏.‏

وأخر العمل كله عن الإيمان‏.‏

ومن القائلين بمقالة أبي ثوبان هذا‏:‏ أبي مروان غيلان بن مروان الدمشقي وأبي شمر ومويس بن عمران والفضل الرقاشي ومحمد بن شبيب والعتابي وصالح قبة‏.‏

وكان غيلان يقول بالقدر خيره وشره من العبد وفي الإمامة‏:‏ إنه تصلح في غير قريش وكل من كان قائماً بالكتاب والسنة كان مستحقاً لها وأنها لا تثبت إلا بإجماع الأمة‏.‏

والعجب أن الأمة أجمعت على أنها لا تصلح لغير قريش وبهذا دفعت الأنصار عن قولهم‏:‏ منا والجماعة التي عددناها اتفقوا على أن الله تعالى لو عفا عن عاص في القيامة‏:‏ عفا عن كل مؤمن عاص هو في مثل حاله وإن أخرج من النار واحداً‏:‏ أخرج من هو في مثل حاله‏.‏

ومن العجب أنهم لم يجزموا القول بأن المؤمنين من أهل التوحيد يخرجون من النار لا محالة‏.‏

ويحكى عن مقاتل بن سليمان‏:‏ أن المعصية لا تضر صاحب التوحيد والإيمان وأنه لا يدخل النار مؤمن‏.‏

والصحيح من الثقل عنه‏:‏ أن المؤمن العاصي ربه يعذب يوم القيامة على الصراط وهو على متن جهنم يصيبه لفح النار وحرها ولهيبها فيتألم بذلك على قدر معصيته ثم يدخل الجنة ومثل ذلك بالحبة على المقلاة المؤججة بالنار‏.‏

ونقل عن زياد بن غياث المريسي أه قال‏:‏ إذا دخل أصحاب الكبائر النار فإنهم سيخرجون عنها بعد أن يعذبوا بذنوبهم وأما التخليد فيها فمحال وليس بعدل‏.‏

وقيل‏:‏ إن أول من قال بالإرجاء‏:‏ الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب وكان يكتب فيه الكتب في الأمصار‏.‏

غلا أمه ما أخر العمل عن الإيمان كما قالت المرجئة اليونسية والعبيدية لكنه حكم بأن صاحب الكبيرة لا يكفر إذ الطاعات وترك المعاصي ليست من أصل الإيمان حتى يزول الإيمان بزوالها‏.‏

 التومينية

أصحاب‏:‏ أبي المعاذ التومني زعم أن الإيمان هو ما عصم عن الكفر وهو اسم لخصال إذا تركها التارك كفر وكذلك لو ترك خصلة واحدة منها كفر ولا يقال للخصلة الواحدة منها إيمان ولا بعض إيمان‏.‏

وكل معصية كبيرة أو صغيرة لم يجمع عليها المسلمون بأنها كفر لا يقال لصاحبها‏:‏ فاسق ولكن يقال‏:‏ فسق وعصى‏.‏

وقال‏:‏ وتلك الخصال هي المعرفة والتصديق والمحبة والإخلاص والإقرار بما جاء به الرسول‏.‏

قال‏:‏ ومن ترك الصلاة وصيام مستحلاً كفر ومن تركهما على نية القضاء لم يكفر‏.‏

ومن قتل نبياً أو لطمه كفر لا من أجل القتل واللطم ولكن من أجل‏:‏ الاستخفاف والعداوة والبغض‏.‏

وإلى هذا المذهب ميل‏:‏ ابن الرواندي وبشر الريسي قالا‏:‏ الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان جميعاً والكفر هو الجحود والإنكار‏.‏

والسجود للشمس والقمر والصنم ليس بكفر في نفسه ولكنه علامة الكفر‏.‏

 الصالحية

أصحاب‏:‏ صالح بن عمر الصالحي‏.‏

والصالحي ومحمد بن شبيب وأبو شمر وغيلان‏:‏ كلهم جمعوا بين القدر والإرجاء‏.‏

ونحن وإن شرطنا أن نورد مذاهب المرجئة الخالصة إلا أنه بدا لنا في هؤلاء لانفرادهم عن المرجئة بأشياء‏.‏

فأما الصالحي فقال‏:‏ الإيمان هو المعرفة بالله تعالى على الإطلاق وهو أن للعالم صانعاً فقط والكفر هو الجهل به على الإطلاق قال‏:‏ وقول القائل ثالث ثلاثة ليس بكفر لكنه لا يظهر غلا من كافر‏.‏

وزعم‏:‏ أن معرفة الله تعالى هي المحبة والخضوع له ويصح ذلك مع حجة الرسول‏.‏

ويصح في العقل أن يؤمن بالله ولا يؤمن برسله غير أن الرسول عليه السلام قد قال‏:‏ ‏"‏ من لا يؤمن بي فليس بمؤمن بالله تعالى ‏"‏‏.‏

وزعم‏:‏ أن الصلاة ليست بعبادة الله تعالى وأنه لا عبادة له إلا الإيمان به وهو معرفته وهو خصلة واحدة‏:‏ لا يزيد ولا ينقص وكذلك الكفر خصلة واحدة‏:‏ لا يزيد ولا ينقص‏.‏

وأما أبو شمر المرجئ القدري فإنه زعم‏:‏ أن الإيمان هو المعرفة بالله عز وجل والمحبة والخضوع له بالقلب والإقرار به‏:‏ أنه واحد ليس كمثله شيء ما لم تقم عليه حجة الأنبياء عليهم السلام فإذا قامت الحجة فالإقرار بهم وتصديقم من الإيمان والمعرفة والإقرار بما جاءوا به من عند الله غير داخل في الإيمان الأصلي‏.‏

وليست كل خصلة من خصال الإيمان إيماناً ولا بعض إيمان فإذا اجتمعت كانت كلها إيماناً‏.‏

وشرط في خصال الإيمان معرفة العدل يريد به‏:‏ القدر خيره وشره من العبد من غير أن يضاف إلى الباري تعالى منه شيء‏.‏

وأما غيلان بن مروان من القدرية المرجئة فإنه زعم أن الإيمان هو‏:‏ المعرفة الثانية بالله تعالى والمحبة والخضوع له والإقرار بما جاء به الرسول وبما جاء من عند الله‏.‏

والمعرفة الأولى فطرية ضرورية‏.‏

فالمعرفة على أصله نوعان‏:‏ فطرية وهي علمه بأن للعالم صانعاً ولنفسه خالقاً وهذه المعرفة لا تسمى إيماناً إنما الإيمان هو المعرفة الثانية المكتسبة‏.‏

تتمة رجال المرجئة كما نقل الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب وسعيد بن جبير وطلق بن حبيب وعمرو بم مرة ومحارب بن زياد ومقاتل بن سليمان وذر وعمرو بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وقديد بن جعفر‏.‏

وهؤلاء كلهم‏:‏ أئمة الحديث لم يكفروا أصحاب الكبائر الكبيرة ولم يحكموا بتخليده في النار خلافاً للخوارج والقدرية‏.‏

 الباب السادس الشيعة

الشيعة هم‏:‏ الذين شايعوا علياً رضي الله عنه على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته‏:‏ نصاً ووصية إما جلياً وإما خفياً‏.‏

واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده‏.‏

وقالوا‏:‏ ليست الإمامة قضية مصلحة تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بنصبهم بل هي قضية أصولية وهي ركن الدين لا يجوز للرسل عليهم السلام إغفاله وإهماله ولا تفويضه إلى العامة وإرساله‏.‏

ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص وثبوت عصمة الأنبياء والأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر والقول بالتولي والتبري‏:‏ قولاً وفعلاً وعقداً إلا في حال التقية‏.‏

ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك‏.‏

ولهم في تعدية الإمامة‏:‏ كلام وخلاف كثير وعند كل تعدية وتوقف‏:‏ مقالة ومذهب وخبط‏.‏

وهم خمس فرق‏:‏ كيسانية وزيدية وأمامية وغلاة وإسماعيلية‏.‏

وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال وبعضهم إلى السنة وبعضهم إلى التشبيه‏.‏

 الكيسانية

أصحاب‏:‏ كيسان مولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وقيل‏:‏ تلمذ للسيد‏:‏ محمد بن الحنيفة رضي الله عنه‏.‏

يعتقدون فيه اعتقاداً فوق حده ودرجته من إحاطته بالعلوم كلها واقتباسه من السيدين الأسرار بجملتها من علم التأويل والباطن وعلم الآفاق والأنفس‏.‏

ويجمعهم القول بأن الدين طاعة رجل حتى حملهم ذلك على تأويل الأركان الشرعية من الصلاة والصيام والزكاة والحج‏.‏

و غير ذلك‏.‏

على رجال فحملهم بعضهم على ترك القضايا الشرعية بعد الوصول إلى طاعة الرجل وحمل بعضهم على ضعف الاعتقاد بالقيامة وحمل بعضهم على القول بالتناسخ والحلول والرجعة بعد الموت‏.‏

فمن مقتصر على واحد معتقد أنه‏:‏ لا يموت ولا يجوز أن يموت حتى يرجع ومن معد حقيقة الإمامة على غيره ثم‏:‏ متحسر عليه متحير فيه ومن مدع حكم الإمامة وليس هنا الشجرة‏.‏

وكلهم حيارى متقطعون‏.‏

ومن اعتقد أن الدين طاعة رجل ولا رجل له فلا دين له‏.‏

نعوذ بالله من الحيرة والحور بعد الكور‏.‏

رب‏!‏ أهدنا السبيل‏.‏

المختارية

أصحاب‏:‏ المختار بن عبيد الثقفي كان خارجياً ثم صار زبيرياً ثم صار شيعياً وكيسانياً‏.‏

قال بإمامة محمد بن الحنيفة بعد أمير المؤمنين علي رضي الله عنهما وقيل لا بل بعد الحسن والحسين رضي الله عنهما وكان يدعو الناس إليه وكان يظهر انه من رجاله ودعاته ويذكر علوماً مزخرفة بترهاته ينوطها به‏.‏

وكان يظهر أنه من رجاله ودعاته ويذكر علوما مزخرفة بترهات ينوطها به‏.‏

ولما وقف محمد بن الحنفية على ذلك‏:‏ تبرأ منه وأظهر لأصحابه أنه غنما لمس على الخلق ذلك ليتمشى أمره ويجتمع الناس عليه‏.‏

وإنما انتظم له ما انتظم بأمرين‏:‏ أحدهما انتسابه إلى محمد بن الحنفية‏:‏ علماً ودعوة والثاني قيامه بثأر الحسين بن علي رضي الله عنهما واشتغاله ليلاً ونهاراً بقتال الظلمة الذين اجتمعوا على قتل الحسين‏.‏

فمن مذهب المختار‏:‏ أنه يجوز البداء على الله تعالى والبداء له معان‏:‏ البداء في العلم وهو أن يظهر له خلاف ما علم ولا أظن عاقلاً يعتقد هذا الاعتقاد والبداء في الأمر وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك‏.‏

ومن لم يجوز النسخ ظن أن الأوامر المختلفة في الأوقات المختلفة متناسخة‏.‏

وإنما صار المختار إلى اختيار القول بالبداء بأنه كان يدعى علم ما يحدث من الأحوال‏:‏ إما بوحي يوحى إليه وإما برسالة من قبل الإمام فكان إذا وعد أصحابه بكون شيء وحدوث حادثة فإن وافق كونه قوله‏:‏ جعله دليلاً على صدق دعواه وإن لم يوافق قال‏:‏ قد بدى لربكم‏.‏

وكان لا يفرق بين النسخ والبداء قال‏:‏ إذا جاز النسخ في الأحكام‏:‏ جاز البداء في الأخبار‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن السيد محمد بن الحنفية تبرأ من المختار حين وصل إليه أنه قد لبس على الناس‏:‏ أنه من دعاته ورجاله وتبرأ من الضلالات التي ابتدعها المختار من‏:‏ التأويلات الفاسدة والمخاريق المموهة‏.‏

فمن مخاريقه‏:‏ أنه كان عنده كرسي قديم قد غشاه بالديباج وزينه بأنواع الزينة وقال‏:‏ هذا من ذخائر أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه وهو عندنا بمنزلة التابوت لبني إسرائيل وكان إذا حارب خصومه يضعه في براح الصف ويقول‏:‏ قاتلوا ولكم الظفر والنصرة وهذا الكرسي محله فيكم محل التابوت في بني إسرائيل وفيه السكينة والبقية والملائكة من فوقكم ينزلون مدداً لكم‏.‏

وحديث الحمامات البيض‏:‏ معروف‏.‏

والأسجاع التي ألفها أبرد تأليف‏:‏ مشهورة وإنما حمله على الانتساب إلى محمد بن الحنيفة كان‏:‏ كثير العلم غزير المعرفة وقاد الفكر مصيب الخاطر في العواقب قد أخبره أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن أحوال الملاحم وأطلعه على مدارج المعالم وقد اختار العزلة‏:‏ فآثر الخمول على الشهرة‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنه كان مستودعا علم الإمامة حتى سلم الأمانة إلى أهلها وما فارق الدنيا إلا وقد وكان السيد الحميري وكثير عزة الشاعر‏:‏ من شيعته قال كثير فيه‏:‏ ألا أن الأئمة من قريش ولاة الحق‏:‏ أربعة سواء‏:‏ علي والثلاثة من بينه هم الأسباط ليس بهم خفاء سبط‏:‏ سبط الإيمان وبر وسبط‏:‏ غيبته كربلاء ز سبط‏:‏ لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمه اللواء تغيب لا يرى فيهم زماناً برضوى عنده عسل وماء وكان السيد الحميري أيضاً يعتقد فيه‏:‏ أنه لم يمت وأنه في جبل‏:‏ رضوى بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل وأنه يعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً‏.‏

وهذا هو أول حكم بالغيبة والعودة بعد الغيبة حكم به الشيعة‏.‏

وجرى ذلك في بعض الجماعة حتى اعتقدوه‏:‏ ديناً وركناً من أركان التشيع‏.‏

ثم اختلف الكيسانية بعد انتقال محمد بن الحنفيةفي سوق الإمامة وصار كل اختلاف مذهباً‏:‏ الهاشمية

أتباع أبي هاشم بن محمد بن الحنفية‏.‏

قالوا‏:‏ بانتقال محمد ابن الحنفية إلى رحمة الله ورضوانه وانتقال الإمامة منه إلى ابنه أبي هاشم‏.‏

قالوا‏:‏ فإنه أفضى إليه أسرار العلوم وأطلعه على‏:‏ مناهج على الباطن‏.‏

قالوا‏:‏ إن لكل ظاهر باطناً ولكل شخص روحاً ولكل تنزيل تأويلاًن ولكل مثال في هذا العالم حقيقة في ذلك العالم‏.‏

والمنتشر في الآفاق من الحكم والأسرار مجتمع في الشخص الإنساني وهو‏:‏ العلم الذي استأثر علي رضي الله عنه به ابنه‏:‏ محمد بن الحنفية وهو أفضى ذلك السر إلى ابنه أبي هاشم‏.‏

وكل من اجتمع فيه هذا العلم فهو الإمام حقاً‏.‏

واختلفت بعد أبي هاشم شيعته‏:‏ خمس فرق‏:‏ فرقة قالت‏:‏ أم أبا هاشم مات - منصرفاً من الشام بأرض الشراة وأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله لن عباس وأجرت في أولاده الوصية حتى صارت الخلافة إلى بني العباس‏.‏

قالوا ولهم في الخلافة حق لاتصال النسب وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وعمه العباس أولى بالوراثة‏.‏

وفرقة قالت‏:‏ إن الإمامة بعد موت أبي هاشم لابن أخيه‏:‏ الحسن بن علي ابن محمد بن الحنفية‏.‏

وفرقة قالت‏:‏ لا بل إن أبا هاشم أوصى إلى أخيه‏:‏ علي بن محمد وعلي أوصى إلى أبنه‏:‏ الحسن فالإمامة عندهم في بني الحنفية‏:‏ لا تخرج إلى غيرهم‏.‏

وفرقة قالت‏:‏ إن أبا هاشم أوصى إلى عبد الله بن عمرو بن حرب الكندي وإن الإمامة خرجت من أبي هاشم إلى عبد الله وتحولت روح أبي هاشم إليه‏.‏

والرجل ما كان يرجع إلى علم وديانة فاطلع بعض القوم إلى خيانته وكذبه فأعرضوا عنه وقالوا بإمامة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب‏.‏

وكان من مذهب عبد الله‏:‏ أن الأرواح تتناسخ من شخص إلى شخص وإن الثواب والعقاب‏:‏ في هذه الأشخاص إما أشخاص بني آدم وإما أشخاص الحيوانات‏.‏

قال‏:‏ وروح الله تناسخت حتى وصلت إليه وحلت فيه‏.‏

وادعى الإلهية والنبوة معاً وأنه يعلم الغيب‏.‏

فعبده شيعته الحمقى وكفروا بالقيامة لاعتقادهم‏:‏ أن التناسخ يكون في الدنيا والثواب والعقاب في هذه الأشخاص وتأول قول الله تعالى‏:‏ ‏"‏ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا‏.‏

الآية ‏"‏ على أن من وصل إلى الإمام وعرفه‏:‏ ارتفع عنه الحرج في جميع ما يطعمن ووصل إلى الكمال والبلاغ‏.‏

وعنه نشأتك الحزمية والمزدكية بالعراق‏.‏

وهلك عبد الله بخرسان وافترقت أصحابه فمنهم من قال‏:‏ إنه بعد حي لم يمت ويرجع‏.‏

ومنهم من قال بل مات وتحولت روحه إلى إسحاق بن زيد بن الحارث الأنصاري وهم الحارثية‏:‏ الذين يبيحون المحرمات ويعيشون عيش من لا تكليف عليه‏.‏

وبين أصحاب عبد الله بن معاوية وبين أصحاب محمد بن علي‏:‏ خلاف شديد في الإمامة فإن كل واحد منهما يدعي الوصية من أبي هاشم إليه ولم يثبت الوصية على قاعدة تعتمد‏.‏

البيانية

أتباع بيان بن سمعان التميمي‏.‏

قالوا بانتقال الإمامة من أبي هاشم إليه‏.‏

وهو‏:‏ من الغلاة القائلين بإلهية أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال‏:‏ حل في علي جزء إلهي واتحد بجسده‏:‏ فنه كان يعلم الغيب إذ أخبر عن آلماكم وصح الخبر وب كان يحارب الكفار وله النصرة والظفر وبه قلع باب خيبر وعن هذا قال‏:‏ والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية ولا بحركة غذائية ولكن قلعته بحركة رحمانية ملكوتية بنور ربها مضيئة‏.‏

فالقوة الملكوتي في نفسه كالمصباح من المشكاة والنور الإلهي كالنور من المصباح‏.‏

قال‏:‏ وربما يظهر علي في بعض الأزمان وقال في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ‏"‏‏:‏ أراد به علياً فهو الذي يأتي في الظل والرعد صوته والبرق تبسمه‏.‏

ثم ادعى بيان‏:‏ أنه قد انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ ولذلك استحق أن يكون إماماً‏:‏ وخليفة وذلك الجزء هو الذي استحق به آدم عليه السلام سجود الملائكة‏.‏

وزعم‏:‏ أن معبوده على صورة إنسان‏:‏ عضواً فعضواً وجزءاً فجزءاً‏.‏

وقال‏:‏ يهلك كله إلا وجهه لقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ كل شيء هالك إلا وجهه ‏"‏‏.‏

ومع هذا الخزي الفاحش كتب إلى محمد بن علي بن الحسين الباقر رضي الله عنهم ودعاه إلى نفسه وفي كتابه‏:‏ أسلم تسلم ويرتقي من سلم فإنك لا تدري حيث يجعل الله النبوة‏.‏

فأمر الباقر‏:‏ أن يأكل الرسول قرطاسه الذي جاء به فأكلهن فمات في الحال‏.‏

وكان اسم ذلك الرسول‏:‏ عمر بن أبي عفيف‏.‏

وقد اجتمعت طائفة على بيان بن سمعان ودانوا به وبمذهبه فقتله خالد ابن عبد الله القسري على ذلك وقيل‏:‏ أحرقه والكوفي المعروف بالمعروف ابن سعيد بالنار معاً‏.‏

الرزامية‏:‏ أتباع‏:‏ رزام بن رزم‏.‏

ساقوا الإمامة‏:‏ من علي إلى ابنه محمد ثم إلى ابنه هاشم ثم إلى علي بن عبد الله ابن عباس بالوصية ثم ساقوها إلى محمد بن علي وأوصى محمد إلى ابنه‏:‏ إبراهيم الإمام وهو صاحب‏:‏ أبي مسلم الذي دعا إليه وقال إمامته‏.‏

وهؤلاء ظهروا بخرا سان في أيام أبي مسلم حتى قيل‏:‏ إن أبا مسلم كان على هذا المذهب لأنهم ساقوا الإمامة إلى أبي مسلم‏:‏ فقالوا‏:‏ له حظ الإمامة وادعوا‏:‏ حلول روح الإله فيه ولهذا‏:‏ أيده على بني أمية حتى قتلهم عن بكرة أبيهم وأصلهم‏.‏

وقالوا بتناسخ الأرواح‏.‏

والمقنع الذي ادعى الإلهية لنفسه على مخاريق أخرجها كان في الأول على هذا المذهب وتابعه مبيضه ما وراء النهر وهؤلاء‏:‏ صنف من الخرمية دانوا بترك الفرائض وقالوا‏:‏ الدين‏:‏ معرفة الإمام فقط‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ الدين أمران‏:‏ معرفة الإمام وأداء الأمانة ومن حصل له الأمران فقد وصل إلى الكمال وارتفع عنه التكليف‏.‏

ومن هؤلاء‏:‏ من ساق الغمامة إلى محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس من أبي هاشم بن محمد بن الحنفية‏:‏ وصية وكان أبة مسلم صاحب الدولة على مذهب الكيسانية في الأول واقتبس من دعاتهم العلوم التي اختصوا بها وأحس منهم أن هذه العلوم مستودعة فيهم فكان يطلب المستقر فيه فبعث إلى الصادق‏:‏ جعفر بن محمد رضي الله عنهما‏:‏ أني قد أظهرت الكلمة ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت فإن رغبت فيه فلا مزيد عليك‏.‏

فكتب إليه الصادق رضي الله عنه‏:‏ ما أنت من رجالي ولا الزمان زماني‏.‏

فحاد أبو مسلم إلى أبي العباس عبد الله ابن محمد السفاح وقلده أمر الخلافة‏.‏

 الزيدية

أتباع‏:‏ زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم‏.‏

ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم إلا أنهم جوزوا أن يكون كل‏:‏ فاطمي عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة أن يكون غماماً واجب الطاعة سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين رضي الله عنهما‏.‏

وعن هذا جوز قوم منهم‏:‏ إمامة محمد وإبراهيم الإمامين ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن اللذين خرجا غي أيام المنصور وقتلا على ذلك وجوزوا‏:‏ خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة‏.‏

وزيد بن علي - لما كان مذهبه هذا المذهب أراد أن يحصل الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم فتلمذ في الأصول لواصل بن عطاء الغزال الألثغ رأس المعتزلة ورئيسهم مع اعتقاد واصل‏:‏ أن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجل وأهل الشام ما كان على يقين من الصواب وأن أحد الفريقين كان على الخطأ لا بعينه‏.‏

فاقتبس منه الاعتزال وصارت أصحابه كلهم‏:‏ معتزلة‏.‏

وكان من مذهبه‏:‏ جواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل فقال‏:‏ كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل الصحابة إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها‏:‏ من تسكين نائرة الفتنة وتطيب قلوب العامة فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة‏:‏ كان قريباً وسيف أمير المؤمنين علىّ عن دماء المشركين من قريش وغيرهم لم يجف بعد والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي‏.‏

فما كانت القلوب تميل إليه كل الميل ولا تنقاد له الرقاب كل الانقياد فكانت المصلحة أن يكون القائم بهذا الشأن من عرفوه باللين والؤدة والتقدم بالسن والسبق في الإسلام والقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

ألا ترى انه لما أراد في مرضه الذي مات فيه تقليد الأمر عمر بن الخطاب لشدته وصلابته وغلظه في الدين وفظاظته على الأعداء‏.‏

حتى سكنهم أبو بكر بقوله‏:‏ ‏"‏ لو سألني ربي لقلت‏:‏ وليت عليهم خيرهم‏:‏ لهم ‏"‏‏.‏

وكذلك يجوز أن يكون المفضول إماماً والأفضل قائم فيرجع إايه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا‏.‏

ولما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة منه وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين‏:‏ رفضوه حتى أتى قدره عليه فسميت رافضة‏.‏

وجرت بينه وبين أخيه الباقر‏:‏ محمد بن علي مناظرات لا من هذا الوجه بل‏:‏ من حيث كان يتلمذ لواصل بن عطاء ويقتبس العلم ممن يجوز الخطأ على جده في قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ومن حيث يتكلم في القدر على غير ما ذهب غليه أهل البيت ومن حيث إنه كان يشترط الخروج شرطاً في كون الإمام إماماً حتى قال له يوماً‏:‏ على مقضى مذهبك‏:‏ والدك ليس بإمام فإنه لم يخرج قط ولا تعرض للخروج‏.‏

ولما قتل زيد بن علي وصلب قام بالإمامة بعده يحيى بن زيد ومضى إلى خراسان واجتمعت عليه جماعة كثيرة‏.‏

وقد وصل إليه الخبر من الصادق جعفر بن محمد بأنه يقتل كما قتل أبوه ويصلب كما صلب أبوه فجرى عليه الأمر كما أخبر‏.‏

وقد فوض الأمر بعده إلى محمد وإبراهيم الإمامين وخرجا بالمدينة ومضى إبراهيم إلى البصرة واجتمع الناس عليهما وقتلا أيضاً‏.‏

وأخبرهم الصادق بجميع ما تم عليهم وعرفهم‏:‏ أن آباءه رضي الله عنهم أخبروه بذلك كله وأن بني أمية يتطاولن على الناس حتى لو طاولتهم الجبال لطالوا عليها وهم يستشعرون بغض أهل البيت‏.‏

ولا يجوز أن يخرج واحد من أهل البيت حتى يأذن الله تعالى بزوال ملكهم وكان يشير إلى أبي العباس وإلى أبى جعفر‏:‏ ابني محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس‏.‏

وقال‏:‏ إنا لا نخوض في الأمر حتى يتلاعب به هذا وأولاده وأشار إلى المنصور‏.‏

فزيد بن علي قتل بكناسة الكوفة قتله هشام بن عبد الملك ويحيى بن زيد قتل بجوزجان خراسان قتله أميرها ومحمد الإمام قتل بالمدينة قتله عيسى بن هامان وإبراهيم الإمام قتل بالبصرة‏.‏

أمر بقتلهما المنصور‏.‏

ولم ينتظم أمر الزيدية بعد ذلك حتى ظهر بخراسان صاحبهم‏:‏ ناصر الأطروش فطلب مكانه ليقتل فاختفى واعتزل الأمر وصار إلى بلاد اليلم والجبل ولم يتحلوا بدين الإسلام بعد فدعا الناس دعوة إلى الإسلامعلى مذهب زيد بن عليح فدانوا بذلكن ونشئوا عليهن وبقيت الزيدية في تلك البلاد ظاهرين‏.‏

وكان يخرج واحد بعد واحد من الأئمة ويلي أمرهم‏.‏

وخالفوا بني أعمامهم من الموسوية في مسائل الأصول ومالت أكثر الزيدية بعد ذلك عن القول بإمامة المفضول وطعنت في الصحابة طعن الإمامية‏.‏

وهم أصناف ثلاثة‏:‏ جاروديةن وسليمانيةن وبترية‏.‏

والصالحية منهم والترية‏:‏ على مذهب واحد‏.‏

الجارودية

أصحاب أبي الجارود‏:‏ زياد بن أبي زيادز زعموا‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي رضي الله عنه بالوصف دون التسمية وهو الإمام بعده‏.‏

والناس قصروا حيث لم يتعرفوا بذلك‏.‏

وقد خالف الجارود في هذه المقالة إمامة‏:‏ زيد بن علي فإنه لم يعتقد هذا واختلفت الجارودية في‏:‏ التوقف والسوق‏.‏

فساق بعضهم الإمامة من علي إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم إلى علي ابن الحسين‏:‏ زين العابدين ثم إلى ابنه‏:‏ زيد بن علي ثم منه إلى الإمام‏:‏ محمد ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب و قالوا بإمامته‏.‏

وكان أبو حنيفة رحمه الله على بيعته ومن جملة شيعتح حتى رفع الأمر إلى المنصور فحبسه حبس الأبدن حتى مات في الحبس‏.‏

وقيل إنه إنما بايع محمد ابن عبد الله الإمام في أيام المنصور ولما قتل محمد بالمدينة‏.‏

فتم عليه مأتم‏.‏

والذين قالوا بإمامة محمد بن عبد الله الإمام‏:‏ اختلفوا‏:‏ فمنهم من قال‏:‏ إنه لم يقتل وهو بعد حي وسيخرج فيملأ الأرض عدلاً ومنهم من أقر بموته وساق الإمامة إلى محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي ابن الحسين بن علي صاحب الطالقان وقد أسر في أيام المعتصم وحمل إليهح فحبسه في داره حتى مات ومنهم مكن قال بإمامة يحيى بن عمر صاحب الكوفة فخرج ودعا الناس واجتمع عليه خلق كثيرن وقتل في أيام المستعين وحمل رأسه إلى محمد بن عبد الله بن طاهر‏.‏

حتى قال فيه بعض العلوية‏:‏ قتلت أعز من ركب المطايا و جئتك أستلينك في الكلام و عز علي أن ألقاك إلا و فيما بيننا حد الحسام وأما أبو الجارود فكان يسمى‏:‏ سرحوب سماه بذاك أبو جعفر محمد بن علي الباقر‏.‏

وسرجوب‏:‏ شيطان أعمى يسكن البحر قاله الباقر‏:‏ تفسيراً‏.‏

ومن أصحاب أبي الجارود‏:‏ فضيل الرسان وأبو خالد الواسطي‏.‏

وهم مختلفون في الأحكام والسير فبعضهم يزعم‏:‏ أن علم ولد الحسن والحسين رضي الله عنهما كعلم النبي صلى الله عليه وسلم فيحصل لهم العلم قبل التعلم‏:‏ فطرة وضرورة‏.‏

و بعضهم يزعم‏:‏ أن العلم مشترك فيهم وفي غيرهم وجائز أن يؤخذ عنهم وعن غيرهم من العامة‏.‏

السليمانية اصحاب‏:‏ سليمان بن جرير وكان يقول‏:‏ إن الإمامة شورى فيما بين الخلقن ويصح أن تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين وإنها تصح في المفضول مع وجود الأفضل‏.‏

وأثبت إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عتهما حقاً باختيار الأمة حقاً اجتهادياً‏.‏

وربما كان يقول‏:‏ إن الأمة أخطأت في البيعت لهما مع وجود علي رضي الله عنه خطأ لا يبلغ درجة الفسق وذلك الخطا‏:‏ خطأ اجتهادي‏.‏

غير أنه طعن في عثمان رضي الله عنهم بإقدامهم على قتال علي رضي الله عنه ثم إنه طعن في الرافضة فقال‏:‏ إن إئمة الرافضة قد وضعوا مقالتين لشيعتهم ثم لا يظهر أحد قط عليهم‏:‏ إحداهما‏:‏ القول بالبداء فإذا أظهروا قولاً‏:‏ أنه سيكون والثانية‏:‏ التقية فكل ما ارادوا تكلموا به فإذا قيل لهم في ذلك‏:‏ إنه ليس بحق وظهر لهم البطلان قالوا‏:‏ إنما قلناه‏:‏ تقية وفعلناه‏:‏ تقية‏.‏

وتابعه على القول بجواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل‏:‏ قوم من المعتزلة منهم‏:‏ جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب وكثير النوى وهو من أصحاب الحديث‏.‏

قالوا‏:‏ الإمامة من مصالح الدين‏:‏ ليس يحتاج إليها لمعرفة الله تعالى وتوحيده فإن ذلك حاصل بالعقل لكنها يحتاج إليها‏:‏ لإقامة الحدود والقضاء بين المتحاكمين وولاية اليتامى والأيامي وحفظ البيضة وإعلاء الكلمة ونصب القتال مع أعداء الدين وحتى يكون للمسلمين جماعة ولا يكون الأمر فوضى بين العامة فلا يشترط فيها أن يكون الإمام‏:‏ أفضل الأمة علماً وأقدمهم عهداً وأسدهم رأياً وحكمة إذا الحاجة تنسد بقيام المفضول مع وجود الفاضل والأفضل‏.‏

ومالت جماعة من أهل السنة إلى ذلك حتى جوزوا‏:‏ أن يكون الإمام غير مجتهدن ولا خبير بمواقع الإجتهاد ولكن يجب أن يكون معه من يكون من أهل الإجتهاد‏:‏ فيراجعه في الأحكام ويستقي منه في الحلال والحرام ويجب أن يكون في الجملة ذا راي متين وبصر في الحوادث نافذ‏.‏

الصالحية والبترية‏:‏ الصالحية‏:‏ أصحاب الحسن بن صالح بن حي‏.‏

والبترية‏:‏ أصحاب كثير النوى الأبتر‏.‏

وهما متفقان في المذهب‏.‏

وقولهم في الإمامة كقول السليمانية إلا أنهم توقفوا في أمر عثمان‏:‏ أهو مؤمن أم كافر قالوا‏:‏ إذا سمعنا الأخبار الواردة في حقه وكونه من العشرة المشرين في الجنة وإذا رأينا الأحداث التي أحدثها‏:‏ من استهتاره بتربية بني أمية وبني مروان واستبداده بأمور لم توافق سيرة الصحابة‏.‏

قلنا‏:‏ يجب أن نحكم بكفره فتحيرنا في أمره وتوقفنا في حالهن ووكلناه إلى أحكم الحاكمين‏.‏

وأما علي فهو أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالإمامة لكنه سلم الأمر لهم راضياً وفوض إليهم الأمر طائعاً وترك حقه راغباً‏.‏

فنحن راضون بما رضى وهم الذين جوزوا‏:‏ إمامة المفضول وتأخير الفضل والافضل إذا كان الأفضل راضياً بذلك‏.‏

وقالوا‏:‏ من شهر سيفه من أولاد الحسن والحسين رضي الله عنهما وكان‏:‏ عالماً زاهداً شجاعاً فهو الإمام وشرط بعضهم صباحة الوجه‏.‏

ولهم خبط عظيم في إمامين وجدت فيهما هذه الشرائط وشهرا سيفهما‏:‏ ينظر إلى الأفضل والأزهد وإن تساويا‏:‏ ينظر إلى الأمتن رأياً والأحزم أمراً وإن تساويا تقابلا فينقلب الأمر عليهم كلا ويعود الطلب جذعاً والإمام مأموماً والأمير مأموراً‏.‏

ولو كانا في قطرين‏:‏ افرد كل واحد منهم بقطره ويكون واجب الطاعة في قومه‏.‏

ولو أفتى أحدهما بخلاف ما يفتي الآخر كان كل واحد منهما مصيباً وإن أفتى وأكثرهم في زماننا مقلدون لا يرجعون إلى رأي أو اجتهاد‏:‏ أما في الأصول فيرون راي المعتزلة‏:‏ حذو القذة بالقذة ويعظمون أئمة الاعتزال أكثر من تعظيمهم أئمة أهل البيت‏.‏

وأما في الفروع فهم على مذهب أبي حنيفة إلا في مسائل قليلة يوافقون فيها الشافعي رحمه الله والشيعة‏.‏

رجال الزيدية

أبو الجارود‏:‏ زياد بن المنذر العبدي لعنه جعفر ابن محمد الصادق رضي الله عنه والحسن بن صالح بن حي ومقاتل بن سليمانن والداعي ناصر الحق‏:‏ الحسن بن علي بن الحسن بن زيد ابن عمر بن الحسين بن علي والداعي الآخر صاحب طبرستان‏:‏ الحسين بن زيد ابن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ومحمد بن نصر‏.‏

الإمامية هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي عليه السلام‏:‏ نصاً ظاهراً وتعييناً صادقاً من غير تعريض بالوصف بل إشارة إليه بالعين‏.‏

قالوا‏:‏ وما كان في الدين والإسلام أمر أهم من تعيين الإمام حتى تكون مفارقته الدنيا على فراغ قلب من أمر الأمة فإنه إنما بعث‏:‏ لرفع الخلاف وتقرير الوفاق فلا يجوز أن يفارق الأمة ويتركهم هملاً‏:‏ يرى كل واحد منهم رأياً ويسلك كل منهم طريقاً لا يوافقه في ذلك غيره بل يجب أن يعين شخصاً هو المرجوع إليهن وينص على واحد هو الموثوق به والمعول عليه‏.‏

وقد عين علياً رضي الله عنه في مواضع‏:‏ تعريضاً وفي مواضع‏:‏ تصريحاً‏.‏

أما تعريضاته فمثل‏:‏ أن بعث أبا بكر ليقرأ سورة براءة على الناس في المشهد وبعث بعده علياً ليكون هو القارىء عليهمن والمبلغ عنه إليهم وقال‏:‏ نزل على جبريل عليه السلام فقال‏:‏ يبلغه رجل منك أو قال‏:‏ من قومك وهو يدل على تقديمه علياً عليه‏.‏

ومثل أن كان يؤمر على أبي بكر وعمر غيرهما مكن الصحابة في البوثح وقد أمر عليهما‏:‏ عمرو بن العاص في بعث وأسامة بن زيد في بعث وما أمر على علي أحداً قط‏.‏

واما تصريحاته فمثل ما جرى في نأنأة الإسلام حين قال‏:‏ من الذي يبايعني على ماله فبايعته جماعة ثم قال‏:‏ من الذي يبايعني على روحه وهو وصي عنه يده غليه فبايعه على روحه ووفى بذلك حتى كانت قريش تعير أبا طالب‏:‏ أنه أمر عليك ابنك‏.‏

ز مثل‏:‏ ما جرى في كمال الغسلام وانتظام الحال فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس‏:‏ فلما وصل إلى غدير خم أمر بالدوحات فقممن ونادوا‏:‏ الصلاة جامعة‏.‏

ثم قال عليه السلام وهو على الرحال‏:‏ ‏"‏ من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم‏:‏ وال من والاه وعاد من عاداه واصر من نصرهن واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار‏.‏

ألا هل بلغت‏:‏ ثلاثاً ‏"‏‏.‏

فإنا ننظر‏:‏ من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولى له وبأي معنى فنطرد ذلك في حق علي رضي الله عنه‏.‏

وقد فهمت الصحابة من التولية ما فهمناه حتى قال عمر حين استقبل علياً‏:‏ طوبى لك يا علي‏!‏ أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة‏.‏

قالوا‏:‏ و قول النبي عليه السلام‏:‏ ‏"‏ أقضاكم علي ‏"‏ نص في الإمامة فإن الإمامة لا معنى لها إلا أن يكون‏:‏ أقضى القضاة في كل حادثة والحاكم على المتخاصمين في كل واقعة وهو معنى قول الله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏"‏ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ‏"‏ قالوا فأولوا الأمر‏:‏ من إليه القضاء والحكم‏.‏

حتى وفي مسألة الخلافة لما تخاصمت المهاجرون والأنصار كان القاضي في ذلك هو‏:‏ أمير المؤمنين على دون غيره فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما حكم لكل واحد من الصحابة بأخص وصف له فقال‏:‏ أفرضكم زيد وأقرؤكم له وهو قوله‏:‏ ‏"‏ أقضاكم على ‏"‏ والقضاء يستدعي كل علم وما ليس كل علم يستدعي القضاء‏.‏

ثم إن الإمامية تخطت عن هذه الدرجة إلى الوقيعة في كبار الصحابة‏:‏ طعناً وتكفيراً وأقله‏:‏ ظلماً وعدواناً‏.‏

وقد شهدت نصوص القرلان على عدالتهمن والرضا عن جملتهم قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة‏.‏

‏"‏ وكانوا إذ ذاك ألفاً وأربعمائة وقال الله تعالى على المهاجرين والأنصارن والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم‏:‏ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وقال‏:‏ لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة وقال تعالى‏:‏ ‏"‏ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم ‏"‏‏.‏

وفي ذلك دليل على عظم قدرهم عند الله تعالى وكرامتهم ودرجتهم عند السول صلى الله عليه وسلم‏.‏

فليت شعري‏!‏ كيف يستجير ذو دين الطعن فيهم ونسبة الكفر إليهم‏!‏ وقد قال النبي عليه السلام‏:‏ عشرة من أصحابي في الجنة‏:‏ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن ابي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن ابن عوف وأبو عبيدة بن الجراح إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في حق كا واحد منهم على انفرادز وإن نقلت هنات من بعضهم فليتدبر النقل فإن أكاذيب الروافض كثيرة وإحداث المحدثين كثيرة‏.‏

ثم إن الإمامية لم يثبتوا في تعيين الأئمة بعد‏:‏ الحسن والحسين وعلي بن الحسين رضي الله عنهم على رأي واحد بل اختلافاتهم أكثر من اختلافات الفرق كلها حتى قال بعضهم‏:‏ إن نيفاً وسبعين فرقة من الفرق المذكورة في الخبر هو في الشيعةخاصة ومن عداهم فهم خارجون عن الأمة‏.‏

وهم متفقون في الإمامة وسوقها إلى جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه ومختلفون في المنصوص عليه بعده من أولاده وقيل‏:‏ ستة‏:‏ محمد وغسحاق وعبد الله وموسى وإسماعيل وعلي‏.‏

ومن ادعى منهم النص والتعيين‏:‏ محمد وبد الله وموسى وإسماعيل‏.‏

ثم‏:‏ منهم من مات ولم يعقب ومنهم من مات وأعقب‏.‏

ومنهم من قال بالتوقف والإنتظار والرجعة‏.‏

ومنهم من قال بالسوق والتعدية كما سيأتي ذكر اختلافاتهم عند ذكر طائفة طائفةز وكانوا في الأول على مذهب أئمتهم في الأصولن ثم لما اختلفت الروايات عن أئمتهم وتمتدى الزمان‏:‏ اختارت كل فرقة منهم طريقة فصارت الإمامية بعضها‏:‏ إمكا وعيدية وإما تفضيلية وبعضها إخبارية‏:‏ أما مشبهةح وغما سلفية‏.‏

ومن ضل الطريق وتاه لم يبال الله به في أي واد هلك‏.‏

الباقرية والجعفرية الواقفة

أتباع‏:‏ محمد الباقر بن علي زين العابدين وابنه جعفر الصادق‏.‏

قالوا بإمامتهما وإمامة والدهما‏:‏ زين العابدين‏.‏

إلا أن منهم من توقف على واحد منهما وما ساق الإمامة إلى أولادهما ومنهم من ساق‏.‏

وإنما ميزنا هذه‏:‏ فرقة دون الأصناف المتشيعة التي نذكرها لأن من الشيعة من توقف على الباقر وقال برجعته كما توقف القئلون بإمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق وهو ذو علم غزير في الدينن وأدب كامل في الحكمة وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات وقد أقام بالمدينة مدة‏:‏ يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض علىالموالين له أسرار العلوم ثم دخل العراق وأقام بها مدة‏:‏ ما تعرض للإمامة قط ولا نازع أحداً في الخلافة قط‏.‏

ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط ومن تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط‏.‏

وقيل‏:‏ من أنس بالله توحش عن الناس ومن استأنس بغير الله نهبه الوسواس‏.‏

وهو من جانب الأب‏:‏ يت سب إلى شجرة النبوة ومن جانب الأم‏:‏ ينتسب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه‏.‏

وقد تبرأ عما كان ينسب إليه بعض الرافضة وحماقاتهم من القول بالغيبة والرجعة والبداء والتناسخ والحلول والتشبيه‏.‏

لكن الشيعة بعده افترقوا وانتحل كل واحد منهم مذهباً وأراد أن يروجه على أصحابه فنسبه إليه وربطه به‏.‏

والسيد برىء من ذلكن ومن الاعتزالن والقدر أيضاً‏.‏

هذا قوله في الإرادة‏:‏ ‏"‏ إن الله تعالى أراد بنا شيئاً وأراد منا شيئاً فما أراده بناك طواه عنا وما أراده منا‏:‏ أظهره لنا فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا‏!‏‏.‏

وهذا قوله في القدر‏:‏ هو أمر بين أمرين‏:‏ لا جبرن ولا تفويض‏.‏

وكان يقول في الدعاء‏:‏ اللهم لك الحمد إن أطعتك ولك الحجة إن عصيتك لا صنع لين ولا لغيري في إحسان ولا حجة لي ولا لغيري في إساءة‏.‏

فنذكر الأصناف الذين اختلفوا فيه ونعدهم لا على أنهم من تفاصيل أشياعه‏:‏ بل‏:‏ على أنهم الناووسية اتباع رجل يقال له‏:‏ ناووس وقيل‏:‏ نسبوا إلى قرية‏:‏ ناوسا‏.‏

قالت‏:‏ إن الصادق حي بعد ولن يموت حتى يظهر فيظهر أمره وهو القائم المهدين ورووا عنه أنه قال‏:‏ لو رأيتم رأسي يدهده عليكم من الجبل فلا تصدقوا فإني‏:‏ صاحبكمن صاحب السيف‏.‏

وحكى أبو حامد الزوزني‏:‏ أن النووسية زعمت أن علياً باق وستنشق الأرض عنه قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلاً‏.‏

الأفطحية

قالوا بانتقال الإمامة من الصادق إلى ابنه‏:‏ عبد الله الأفطح وهو أخوه إسماعيل من أبيه وأمه وأمهما‏:‏ فاطمة بنت الحسين ابن الحسن بن علي وكان أسن أولاد الصادق‏.‏

زعموا أنه قال‏:‏ الإمامة في أكبر أولاد الإمام‏.‏

وقال‏:‏ الإمام من يجلس مجلسي وهو الذي جلس مجلسه والإمام‏:‏ لا يغسله ولا يصلى عليه ولا يأخذ خاتمه ولا يواريه إلا الإمام وهو الذي تولى ذلك كله‏.‏

ودفع الصادق وديعة إلى بعض أصحابه وأمره أن يدفعها إلى من يطلبها منه وان يتخذه إماماً وماتن ولم يعقب ولداً ذكراً‏.‏

الشميطية اتباع‏:‏ يحيى بن أبي شميط‏.‏

قالوا‏:‏ إن جعفراً قال‏:‏ إن صاحبكم اسمه اسم نبيكم‏.‏

وقد قال له والداه رضوان الله عليهما‏:‏ إن ولد لك ولد فسميته باسمي فهو الإمام فالإمام بعده‏:‏ ابنه محمد‏.‏